سورة يونس - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{الر} ونحوه ممال: حمزة وعلي وأبو عمرو، وهو تعديد للحروف على طريق التحدي {تِلْكَ ءايات الكتاب} إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات، والكتاب السورة {الحكيم} ذي الحكمة لاشتماله عليها، أو المحكم عن الكذب والافتراء والهمزة {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا} لإنكار التعجب والتعجب منه {أَنْ أَوْحَيْنَا} اسم {كان} و{عجباً} خبره، واللام في {للناس} متعلق بمحذوف هو صفة ل {عجباً} فلما تقدم صار حالاً {إلى رَجُلٍ مّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ الناس} بأن أنذر أو هي مفسرة إذ الإيحاء فيه معنى القول: {وَبَشّرِ الذين ءَامَنُواْ أَنَّ لَهُمْ} بأن لهم. ومعنى اللام في {للناس} أنهم جعلوه لهم أعجوبة يتعجبون منه، والذي تعجبوا منه أن يوحى إلى بشر وأن يكون رجلاً من أفناء رجالهم دون عظيم من عظمائهم، فقد كانوا يقولون: العجب أن الله لم يجد رسولاً إلى الناس إلا يتيم أبي طالب: وأن يذكر لهم البعث وينذر بالنيران ويبشر بالجنان، وكل واحد من هذه الأمور ليس بعجب، لأن الرسل المبعوثين إلى الأمم لم يكونوا إلاَّ بشراً مثلهم، وإرسال اليتيم أو الفقير ليس بعجب أيضاً، لأن الله تعالى إنما يختار للنبوة من جمع أسبابها، والغنى والتقدم في الدنيا ليس من أسبابها. والبعث للجزاء على الخير والشر هو الحكمة العظمى، فكيف يكون عجباً، إنما العجب والمنكر في العقول تعطيل الجزاء {قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبّهِمْ} أي: سابقة وفضلاً ومنزلة رفيعة. ولما كان السعي والسبق بالقدم سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدماً كما سميت النعمة يداً لأنها تعطى باليد، وباعاً لأن صاحبها يبوع بها، فقيل (لفلان قدم في الخير) وإضافتها إلى {صدق} دلالة على زيادة فضل وأنه من السوابق العظيمة، أو مقام صدق، أو سبق السعادة {قَالَ الكافرون إِنَّ هذا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ} {إن هذا} الكتاب {لسحر} مدني وبصري وشامي، ومن قرأ {لساحر} فهذه إشارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو دليل عجزهم واعترافهم به وإن كانوا كذابين في تسميته سحراً.


{إِنَّ رَبَّكُمُ الله الذى خَلَقَ السماوات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ استوى عَلَى العرش} أي استولى فقد يقدس الديان عن المكان والمعبود عن الحدود {يُدَبّرُ} يقضي ويقدر على مقتضى المحكمة {الأمر} أي أمر الخلق كله وأمر ملكوت السماوات والأرض والعرش. ولما ذكر ما يدل على عظمته وملكه من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش، أتبعها هذه الجملة لزيادة الدلالة عل العظمة وأنه لا يخرج أمر من الأمور عن قضائه وتقديره وكذلك قوله: {مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ} دليل على عزته وكبريائه {ذلكم} العظيم الموصوف بما وصف به {الله رَبُّكُمُ} وهو الذي يستحق العبادة {فاعبدوه} وحدوه ولا تشركوا به بعض خلقه من إنسان أو ملك فضلاً عن جماد لا يضر ولا ينفع {أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} أفلا تتدبرون فتستدلون بوجوب المصالح والمنافع على وجود المصلح النافع {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} حال أي لا ترجعون لي العاقبة إلا إليه فاستعدوا للقائه والمرجع الرجوع أو مكان الرجوع {وَعَدَ الله} مصدر مؤكد لقوله إليه مرجعكم {حَقّاً} مصدر مؤكد لقوله: {وعد الله} {إِنَّهُ يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} استئناف معناه التعليل لوجوب المرجع إليه {ليجزي الذين ءامنوا وعملوا الصالحات} أي الحكمة بإبداء الخلق وإعادته هو جزاء المكلفين على أعمالهم {بالقسط} بالعدل وهو متعلق ب {يجزي} أي ليجزيهم بقسطه ويوفيهم أجورهم أو بقسطهم أي بما أقسطوا وعدلوا ولم يظلموا حين آمنوا إذ الشرك ظلم {إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] وهذا أوجه لمقابلة قوله: {والذين كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ} ولوجه كلامي.


{هُوَ الذى جَعَلَ الشمس ضِيَاء} الياء فيه منقلبة عن واو (ضواء) لكثرة ما قبلها وقلبها قنبل همزة لأنها للحركة أجمل {والقمر نُوراً} والضياء أقوى من النور فلذا جعله للشمس {وَقَدَّرَهُ} وقدر القمر أي وقدر مسيره {مَنَازِلَ} أو وقدره ذا منازل كقوله {والقمر قدرناه منازل} [ياس: 39] {لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين} أي عدد السنين والشهور فاكتفى بالسنين لاشتمالها على الشهور {والحساب} وحساب الآجال والمواقيت المقدرة بالسنين والشهور {مَا خَلَقَ الله ذلك} المذكور {إِلاّ} ملتبساً {بالحق} الذي هو الحكمة البالغة ولم يخلقه عبثاً {يُفَصّلُ الآيات} مكي وبصري وحفص وبالنون غيرهم {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} فينتفعون بالتأمل فيها.
{إِنَّ فِى اختلاف اليل والنهار} في مجيء كل واحد منهما خلف الآخر أو في اختلاف لونيهما {وَمَا خَلَقَ الله فِى السماوات والأرض} من الخلائق {لآيات لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ} خصهم بالذكر لأنهم يحذرون الآخر فيدعوهم الحذر إلى النظر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8